في البداية أريد أن أذكركم بلعبة قديمة أعتقد أن الكل قد لعبها في صغره .. لأنه وببساطة هذه اللعبة هي بداية "الخناقة" التي أردت أن أحدثكم عنها اليوم .. والتي هي حديث الساعة ومحور الاهتمام هذه الأيام ..
إنها لعبة "الكراسي الموسيقية"
أتمنى ألا يستغرب أحد من الموضوع في البداية ويتابع معي ما أريد أن أقول .. فليست مجرد لعبة الآن .. وفي النهاية سيزول عنكم الاستغراب ..
طبيعة اللعبة أن يتجمع عدد معين من الأطفال ويكون هناك عدد من الكراسي يقل عن عدد الأطفال الذين سيشاركون في اللعبة بكرسي واحد فقط ..
ويكون هناك مصدر موسيقي ترتبط بداية اللعبة ببدايته وعندما يتوقف يسرع كل طفل ليجلس على كرسي ويكون هناك طفل واحد مسكين لا يجد له كرسي فيخرج من اللعبة .. ويقابل ذلك ابعاد كرسي أخر وتظل اللعبة هكذا حتى لا يتبقى سوى كرسي واحد وطفلين ثم يفوز واحد فقط ..
وأحيانًا في أثناء اللعبة يدفع أحد المشاركين الأخر للفوز بالكرسي بدلاً منه .. وقد نجد حزن الخاسر أو بكاءه هو ما قد ينتج عن اللعبة في النهاية .
.
لكن لعبتنا اليوم تطورت بشكل كبير وهائل .. وقد يكون غير منطقي .. لكنها لعبة لها جمهور .. وكله يتمنى المشاركة ..
جمهورنا عبارة عن 80 مليون فرد .. واللعبة حتى الآن شارك بها ما يفوق الخمسة آلاف مشارك ويتنافسون على حوالي خمسمائة مقعد ..
ياللعجب !!
وبالطبع لم يعد المشاركون أطفالاً .. لذا قد يتخطى الأمر مجرد دفعات بسيطة أو بكاء للخاسر .. الصراع احتد واشتد وبشكل غير طبيعي ..
تخيلوا معي !!
كل عشرة رجال يريدون الجلون على كرسي .. وكلٌ منهم يحارب الأخر حتى لا يصل لهذا الكرسي اللعين .. وكل الطرق مشروعة في الحرب .. والكل يعلم .. لكنهم جميعًا يحاربون في الخفاء ..
أما العلن .. فهو لاستعطاف الناس ..
فقد نسيت أن أخبركم أن لعبة اليوم تتوقف في الظاهر على أصوات مَنْ لم يشاركوا فيها .. أي بقية ال80 مليون فرد ..
فيلجأ كل المشاركون في اللعبة إلى استخدام كل الوسائل الممكنة والغير ممكنة .. المنطقية والغير منطقية .. والتي يشوب أغلبها مبالغة ملحوظة جدًا لاستعطاف هؤلاء البقية وكسب أصواتهم ..
كل ذلك وأكثر للوصول للكرسي ..
بأي ثمن ..
فلماذا ؟؟
وبالطبع يمكننا الآن أن نرى كيف تحولت اللعبة إلى "خناقة" .. والهدف يعلمه الله ..
فقد يكون هناك مَنْ يستحق حقًا أن يصل للكرسي .. لكني لا أستطيع أن أستوعب أن يكون هناك أحد يستحق وفي نفس الوقت يشارك في صراع كهذا "الخناقة يعني" دون أن يكون له منفعة شخصية واحدة على الأقل ..
كلٌ منهم ينفق الكثير والكثير في الحملة الانتخابية الخاصة به .. مبالغ طائلة .. لو كانوا يريدون خيرًا بالأخرين لأعطوهم هذه الأموال لينتفعوا بها أفضل من تحويلها لملصقات ولافتات سرعان ما ستواري الثرى وتدهسها الأقدام ..
وبما أنني من البقية .. ولي صوت .. فمن المفترض أن أشارك .. لكني لن أفعل ..
لن أكون طرف في "خناقة" سخيفة لا فائدة منها .. أفضِّل أن أشاهد للنهاية وانتظر ..
وبما أننا في عصر قانون الغاب والبقاء للأقوى .. فالأكثر عضلات سيقهر كل المشاركين ويجلس على كرسيه لا يهمه أحد .. وغالبًا سينسى كل ما قد وعد ..
فللأسف .. فقدت الثقة في كل مَنْ يركض وراء الكرسي ..
كما انني أظن أن الكراسي أيضًا قد ملّت ساكنيها كما مللنا نحن .. فطوال سنوات مضت مرت عليها مَنْ لم يتغير وجدّ عليها الكثير .. لكن مازال الحال كما هو .. من سيء لأسوأ ..
مازالت الأسعار لا يحكمها أحد .. وال"كوسة" حدث ولا حرج .. ومستوى المعيشة في انخفاض مستمر ..
ونزيد على ذلك إهانات وظلم وضياع حقوق .. و.... و.... و....
فأين الفائدة أو الفارق بالنسبة لي فيمَنْ يصل للكرسي أو لا ..
هكذا أرى اللعبة التي تحولت اليوم ل"خناقة" ..
فكيف ترونها أنتم ؟؟
وهل مازلتم تستغربون ؟؟
انتظر ارأكم